سيكون موسم العبور 2009 بطعم خاص، ولن تستطيع الوصلات الإشهارية المكثفة، التي يتم من الآن الإعداد لتمريرها عبر القنوات التلفزية، بداية من الشهر القادم، كافية للتقليل من انعكاسات إكراه خارجي غير متحكم فيه. هذا الإجماع الذي خلص إليه المشاركون في لقاء دراسي، أمس الأربعاء، بالدار البيضاء، استند إلى اعتراف صريح لمحمد عامر، الوزير المنتدب لدى الوزير الأول المكلف بالجالية المغربية المقيمة بالخارج، معزز بأرقام، تظهر تراجعا واضحا في تحويلات المهاجرين المغاربة، كما استند إلى تقارير دولية وآراء خبراء مغاربة أشاروا إلى أن الأزمة المالية أثرت سلبا على المغرب المعتمد اقتصاده على أقطاب معدودة على رؤوس الأصابع لتحقيق التنمية الاقتصادية، لعل أبرزها تحويلات المغاربة المقيمين بالمهجر. الأرقام الأخيرة، حسب خلاصات اللقاء الدراسي، قدمها الأستاذ سعيد بلواس،تفيد بتراجع تحويلات المغاربة القاطنين بالخارج، خلال الربع الأول من سنة 2009 بنسبة 5ر15 بالمائة,وستواصل مدها التنازلي، على الأقل إلى غاية نهاية السنة الجارية ،على اعتبار انتفاء أي مؤشر دال على خروج اقتصاديات دول الاتحاد الأوروبي من دوامة الأزمة المالية العالمية. وهو تراجع ستكون له تأثيراته على صعيد التوازنات الماكرو-اقتصادية لميزانية 2009، إذ من المتوقع أن لا يتعدى مبلغ التحويلات 30 مليار درهم، علما انه سبق لهذه التحويلات أن تراجعت سنة 2008 بنسبة 2.4 في المائة مقارنة مع المستوى المسجل سنة 2007، حيث بلغت في متم دجنبر من السنة الماضية 53.65 مليار درهم. ولا يمكن، حسب الأساتذة الباحثين، انتظار نتائج جيدة من مجموعة التحفيزات والإجراءات التي تقوم بها الدولة بالتركيز في الحملات الاشهارية والتواصلية على عنصر "تقوية أواصر ارتباط مغاربة المهجر بوطنهم"• فهو عامل ليس محل شك.وارتباط المغاربة، من كل أجيال الهجرة، بأرض آبائهم وأجدادهم بات أمرا مؤكدا. كما لا يمكن توقع جديد يذكر تأتى به لجنة اليقظة على اعتبار أن الركود النسبي الذي أصاب تحويلات مغاربة الخارج لا يعود لقرار شخصي، أو تحكمه توجهات للاستثمار في بلد الإقامة، بل هو ركود تفرضه الأزمة المالية التي أرغمت العديد من المهاجرين على العودة الاضطرارية المؤقتة تفاديا لضياع ما تبقى من مدخرات في مصاريف الحياة اليومية. ورغم هذه الصورة القاتمة، تبقى معاناة نسبة من الجالية المغربية من الأزمة المالية الدولية طبيعية في ظل الظروف الدولية الحالية. فهي، حسب خلاصات اللقاء الدراسي، جزء من معاناة باقي الجاليات التي أثرت الأزمة الحالية على مداخيلها ومواردها، خاصة في الديار الاسبانية التي تعيش بها نسبة مهمة من الجالية المغربية، عمليا، حالة بطالة، خاصة في المجالات المرتبطة بالعقار وقطاع الخدمات.وبالتالي فالمخطط الحكومي التفصيلي المنتظر لمواجهة الأزمة وتحصين الاقتصاد الوطني ضد تداعياتها السلبية، من الواجب أن يركز على الأقطاب الاقتصادية التي تجد منبعها داخل الوطن ومصبها خارجه.
مصطفى السالكي