رشيد نيني يكتب عن البلدان العربية التي أغلقت أبوابها في وجه المغربيات
لو كنت مكان محمد بنعيسى وزير الخارجية لشعرت بالخجل مما يحدث لصورة المغرب في الخارج هذه الأيام. فالأردن التي يسميها بنعيسى البلد الشقيق لجأت الى اغلاق حدودها في وجه المغربيات اللواتي تقل لأعمارهن عن سن خمس و ثلاثين سنة. والسبب هو التدفق المتزايد للفتيات المغربيات اللواتي يتم استقدامهن للعمل في المواخير والفنادق و الكازينوهات. هذا القرار غير الديبلوماسي من طرف الأردن يفترض أن كل المغربيات اللواتي تقل أعمارهن عن 35 سنة ويردن دخول الأردن هن عاهرات. وهذه أكبر اهانة تتلقاها الدبلوماسية المغربية بصدر رحب. وقبل أشهر تقدمت محامية مغربية تبلغ من العمر 27 سنة بطلب تأشيرة لدخول الأردن فمنعت من ذلك، بسبب سنها الذي يضعها في خانة المشبوهات. ولم نسمع أن بنعيسى احتج أو تدخل لالغاء هذا القانون الذي يصنف المغربيات حسب سنهن بين شرموطات و عفيفات
منتهى الشوهة هو ما يحدث هذه الأيام من طرد لمغربيات احترفن الدعارة بعدد من البلدان الأجنبية. فاسرائيل طردت الأسبوع الماضي مجموعة من المغربيات اللواتي ضبطتهن يمارسن الدعارة في بعض كازينوهات تل أبيب. و أغلبهن متعلمات و حاصلات على شواهد الاجازة. وقبل يومين تم ترحيل مغربيات من السعودية بعد أن قضين عقوبة سجنية هناك و أكلن هناك مائة جلدة من سياط أشقائنا السعوديين. وقد مثلن قبل أمس أمام أنظار القطب الجنحي بالدار البيضاء بتهمة الفساد، وربما يجدن أنفسهن وراء أسوار سجن عكاشة لبضعة أشهر يبردن خلالها الشحطات الساخنة التي أكلنها من عند الأشقاء السعوديين
ليبيا الشقيقة هي الأخرى لملمت حفنة من الفتيات المغربيات اللواتي ذهبن ليبعن لحمهن للعمالة العربية التي تتوافد على ليبيا للعمل في حقول النفط. ويحكي لي أحد الأصدقاء أنه بفضل هؤلاء السفيرات فوق العادة، تذوق بعض العرب المكبوتين طعم اللحم لأول مرة في حياتهم، و بأسعار تفضيلية
وكنا قد كتبنا قبل أسبوع عن تلك السفارات العربية في الرباط التي أصبحت تشترط توفر الفتيات الطالبات للتأشيرة على شهادة تثبت البكارة. وهو شرط غريب لم نسمع أن أية دولة تضعه في قائمة الثائق المطلوبة لدخول ترابها. كندا وفرنسا تطلب من زائريها شواهد الكفاءة العلمية و أشقاؤنا العرب يطلبون من بناتنا شواهد العذرية
فيبدو أن دخول المغربيات الى هذه البلدان أصبح لا يختلف كثيرا عن ليلة الدخلة. و الى الآن لم نسمع عن ردة فعل صغيرة من وزارة بنعيسى
والغريب في أمر السلطات السعودية التي تجلد العاهرات المغربيات أنها تتغاضى عن زبنائهن من السعوديين، فهؤلاء أبناء البلد ويجوز لهم ما لا يجوز للوافدين. و الأغرب من ذلك أن السلطات الأمنية المغربية عندما تضبطهم برفقة عاهرات مغربيات في شقق معدة للدعارة تخلي سبيلهم، بل و ترحلهم إلى بلدانهم بدون أن تمس منهم شعرة واحدة، ولم يبق سوى أن يشتروا لهم الكاضو سوفونير حتى يتذكروا مقامهم بين ظهرانينا، أو بالأحرى فوق ظهرانينا
وفي الوقت الذي تجلد فيه الحكومة السعودية العاهرات المغربيات مائة جلدة نجدهم هنا يضعون الخليجيين الذين يفدون إلى المغرب للسياحة الجنسية فوق رؤوسهم. وهذا أقصى أنواع الذل و الخنوع لمنطق الريال الخليجي المبلل بعرق بنات هذه الأرض الطاهرة التي يدنسها الأوغاد
غالبا ما يتم تحميل الفتيات اللواتي يغادرن المغرب للعمل في دور الدعارة مسؤولية الصورة المشوهة التي أصبحت للمغرب عبر العالم. وهن طبعا يتحملن المسؤولية، لكن الدولة المغربية ممثلة بوزارة الخارجية تتحمل هي أيضا جزءا من المسؤولية. فمن سمح لهؤلاء الفتيات بمغادرة المغرب، ألم يغادرن المغرب من المطار، أليست هناك شرطة و جمارك يدققون في هويات المسافرات ودواعي سفرهن نحو هذه البلدان نحو هذه البلدان بعينها. هناك اليوم طائرات بحالها تذهب محملة باللحم المغربي الطري، و الذين يسافرون مع طيران الخليج يلاحظون كل أولئك البنات اللواتي لم تتخط أغلبهن سن العشرين مغلفات بتلك الأثواب الخليجية السوداء، واللواتي بمجرد ما تقلع الطائرة حتى يشعلن سجائرهن و يتبرجن و يملأن جنباتها بضحكات داعرة تجعل كل مغربي يستقل الطائرة معهن يخجل من مغربيته حتى الموت
الدولة تتحمل مسؤولية كبيرة في هذه الصورة المشوهة التي أصبحت تلتصق بالمغرب أينما وليت وجهك. صورة الماخور الذي يصدر بناته ليتاجرن بلحومهن في غرف نوم الجيران. وأدعو وزير الخارجية لكي يقرأ رسالة الزميلة فدوى مساط من واشنطن بهذا العدد لكي يرى حجم معاناة المهاجرين المغاربة في أمريكا مع هذه الصورة المخجلة التي أصبحت للمغرب بسبب بعض الفاسدات من بناته. فالمغربيات أصبحن بنظر هؤلاء الأشقاء العرب المهاجرين بأمريكا إما ساحرات و إما شرموطات. حتى أصبح المغربي و المغربية الذين يهاجرون من أجل كسب كسرة الخبز بكرامة يفكرون ألف مرة قبل الكشف عن هويتهم المغربية
يجب أن تتوقف هذه الشوهة. والذين يقفون وراء هذه التجارة الفاسدة يجهلون أنهم سيجعلون المغرب يدفع ثمنها غاليا في المستقبل. فالدول التي تفقد سمعتها في المحافل الدولية تفقد مصداقيتها أيضا
وندعو السيد وزير الخارجية أن يتأمل في تلك التعليمات التي أصدرتها السلطات الأمنية بالصين للموظفين الرسميين و المنظمين الذين سيسهرون على تنظيم الألعاب الأولمبية سنة 2008. فقد ناشدوهم بأن يتجنبوا كل السلوكيات المنافية للأخلاق، وأنهم مطالبون بتجنب شرب الخمر ومرافقة الفتيات والتردد بعد العمل على أماكن السهر. كل هذا لتجنب، وهنا حل ودنيك مزيان آسي بنعيسى، كل هذا لتجنب إخجال الصين أمام العالم. بالعربية تاعربت، باش ما يحشموش بيهم قدام البراني. وهو بالضبط ماتقوم به الدول المغربية، لقد حشمونا مع كل الدول العربية و الغربية، ولم نعد نعرف أين ندير وجوهنا من شدة الخجل
لكن يبدو أن شي وحدين فهاد البلاد لا يشعرون بالخجل مطلقا من كل هذه الطائرات التي تعود محملة باللحم المغربي المهرب و المطرود بسبب الدعارة
الزين يحشم على زينو والخايب غير إلى هداه الله. وطبعا لا زين إلا زين الفعايل، ماشي زين الكوستيم والمشطة