أكدت المفوضية الاوروبية أن الدول الاعضاء بالاتحاد الاوربي بحاجة الى حوالي 20 مليون مهاجر من ذوي المؤهلات العلمية في السنوات العشر القادمة، وذلك لمواجهة الخصاص الكبير الذي تعاني منه خصوصا مع ارتفاع نسبة الشيخوخة، مضيفة أن هذا الرقم سيرتفع الى النصف خلال الثلاثين سنة القادمة• وأكدت دراسة حديثة، حول القوى العاملة بالاتحاد الاوروبي أعدتها بروكسيل ان خمس السكان الحاليين يتجاوز عمرهم60 سنة، اي خارج سوق الشغل• ويتوقع أن يبدأ سكان الاتحاد الاوربي في الانخفاض انطلاقا من سنة 2025 ، وهو ما يحتم على الدول الاعضاء فتح المجال لاستقبال ملايين المهاجرين لسد الفراغ الذي سيعاني منه سوق الشغل وتمكينها من الحفاظ على نسبة نمو معقولة• وفي هذا الإطار أعلن فرانكو فراتيني، المفوض الاوربي لشؤون الهجرة، أن المفوضية ستتقدم في 23 أكتوبر القادم بمشروع يقضي بتوفر الاتحاد الاوربي على "بطاقة زرقاء" على غرار "البطاقة الخضراء" المعمول بها في الولايات المتحدة، وذلك لتشجيع المهاجرين ذوي الكفاءات على الاستقرار بالقارة العجوز وتنظيم الإجراءات المتعلقة بالهجرة الشرعية• حاجة الاتحاد الاوروبي الى ملايين المهاجرين لا تعني انه سيفتح الابواب لكل من يحلم بالهجرة الى "الفردوس الاوربي" فقد كان المفوض الاوروبي لشؤون الهجرة واضحا خلال ندوة احتضنتها العاصمة البرتغالية لشبونة اول أمس عندما أكد أن ما تحتاجه الدول الاوروبية هم المهاجرون ذوو التخصصات المهنية والتكوين الجامعي• وحسب الدراسة التي أعدتها المفوضية الاوربية، فإن الاتحاد الاوربي يستقبل حاليا %5 فقط من اليد العاملة المؤهلة، في حين تستقبل الولايات المتحدة %55
وبالموازاة مع ذلك سجلت الدراسة المذكورة أن الاتحاد الاوربي يستقبل حاليا %85 من المهاجرين الذين لا يملكون اي تكوين مقابل %5 للولايات المتحدة، بالاضافة الى أن أزيد من نصف المهاجرين ذوي التكوين الجامعي المنحدرين من الشرق الاوسط وإفريقيا الشمالية يهاجرون الى الولايات المتحدة وكندا، بفعل الإجراءات التشجيعية التي تقدمانها• وفي هذا الاطار أوضحت نفس المصادر ان سوق الشغل بأوروبا يعاني حاليا من خصاص يقدر ب 3 ملايين منصب شغل، وانه في السنة المقبلة يتوقع خلق 5,5 مليون منصب شغل لذوي المؤهلات العلمية والتخصصات، تجد اوربا نفسها عاجزة عن ملئها• وحسب فراتيني فان "البطاقة الزرقاء" التي تنتظر مصادقة الدول الاعضاء لإحداثها، تسمح لحاملها بالعمل في احدى الدول ال 27 لمدة سنتين قابلة للتجديد، وبعد هذه المدة يصبح بإمكانه العمل في أية دولة يختارها قبل أن يتم تمتيعه بإقامة طويلة الامد
وينص المقترح على ضرورة تمتيع اصحاب البطاقة الزرقاء بالحقوق التي يتمتع بها الاوروبيون وبأجر يتعدى الحد الأدنى، غير ان هناك شكوكا تحوم حول امكانية خروج هذا المشروع الى حيز النور، فمن جهة يتطلب المصادقة عليه بإجماع الدول ال 27 الاعضاء
وهو أمر ليس بالهين ذلك أن بعض الدول كألمانيا مثلا ترى بأن على كل دولة أوروبية اتخاذ ما تراه صالحا من إجراءات لاستقدام المهاجرين المؤهلين حسب احتياجاتها عوض فرض اجراءات موحدة• كما أن "البطاقة الزرقاء" قد لا تغري العديد من شبان العالم الثالث ذوي التخصصات العلمية، حيث أنها لا تكفل اوتوماتيكيا حق الإقامة الدائمة عكس "البطاقة الخضراء" المعمول بها في الولايات المتحدة، بالاضافة الى أن كندا مثلا تقدم إغراءات يصعب على الدول الاوربية تقديمها للاجانب• ومن شأن هذه الاجراءات إن تم اتخاذها، بغض النظر عن مدى نجاحها، أن تفرغ دول العالم الثالث وعلى رأسها دول الشرق الاوسط وشمال افريقيا مما تبقى لديها من ثروة علمية وبشرية أنفقت عليها الكثير، مما يرهن مستقبل التنمية بهذه المنطقة، غير أن هذه المسألة هي آخر ما يفكر فيه الاتحاد الاوروبي، الذي يسعى إلى طرد عشرات الآلاف من المهاجرين السريين الذين لا يتوفرون على مؤهلات، واستقدام العقول التي من شأنها ضمان مستقبله الاقتصادي والاجتماعي