03 juillet 2006

لقاء مع الباحث السوسيولوجي المغربي عزيز مشاط

أجرى الحوار: محمد فاضل رضوان

1- في كتاباتكم وتحليلاتكم تحضرتيمة الهوية بشكل لافت للنظر،ألا تعد قضايا من هذا القبيل أجدر بأن تترك للأنثروبولوجيين أو لمؤرخي الفكر في زمن انهيار القلاع الثقافية و الاندماج الواعي أو اللاواعي من قبل الجميع في عالم القرية الكونية؟
بخصوص المجال المعرفي الكفيل باحتكارالمفهوم لابد من استعارة قولة المؤرخ الالماني الفرد كروسر الذي اعتبر التضخم الذي شهده الخطاب الهوياتي العلمي موضة علمية،لكن هاته الموضة تسندها مبررات أكاد اجزم بأنها موضوعية بفعل احالات المفهوم المتعددة الى مختلف الميادين المعرفية حيث يتجاور علم النفس و البيولوجيا وعلم الاجتماع مع الانتروبولوجيا وعلم النفس الاجتماعي،وهذه أولى مآزق المفهوم و أكثرها استشكالا ،انه يحيل على المتعدد والخاص المشترك والمتمايزفي نفس الوقت كما أنه يحيل أيضا على الفردي والجماعي،الثابت والمتغير الأمر الذي يجعله موزعا بين تقاطبات تبدو للوهلة الاولى مستحيلة التجميع و على هذا الاساس لا يمكننا الا ان نقربثابت ابستيمولوجي ولو بنوع من المجازفة مفاده امكانية اختزال مفهوم الهوية للاشكالية الابدية القائمة داخل العلوم الانسانية والمتعلقة بثنائية الموضوعي و الذاتي في الفعل الانساني ،انها الثنائية الابدية القائمة بين الوضعيين المومنين بامكانية ارتداد الفعل الانساني و ظواهره الى مجرد علاقة بين الأسباب و نتائجها بشكل حتمي يخضع لقوانين معينة،والذاتيين الذين يمنحون للبعد الفردي وتصورات الافراد لافعالهم قصب السبق.و اذا كان مفهوم الهوية قد ظل عصيا على مختلف العلوم الانسانية فإنه مع إيريك اريكسون سيعرف أولى الأسس النظرية التي سينبني عليها التحديد الاجرائي للهوية حيث قام الانتروبولوجي والمحلل النفسي إيريكسون بالاستناد على المفهوم الفرويدي للتماهي لتاويل السيروات الهوياتية في اطار علائقي حيث يقول”يحيل مفهوم الهوية على احساس واع بالخصوصية الفردية ،كما يحيل في نفس الوقت على المجهود غير الواعي الذي يقوم به الفرد في اتجاه ضمان استمرار تجربته الحياتية المرتبطة بمشاركته للاخرين في أفكارهم وفي نماذجهم الثقافية ”يتم تعريف الهوية بهذا المعنى باعتبارها تشكل وعي الفرد لذاته كذات مستقلة لكنها ترتبط من جهة اخرى بمسار جمنعة الانتماء بكل ملابساتها السوسيولوجية .غير ان هذا التحديد على صلابة منطلقاته ظل يفتقر الى الادوات المفاهيمية النظرية القادرة على اثباته قبل ان يستطيع علم النفس الاجتماعي، وعبر نظرية الأدوار،تمكين المفهوم من الأدوات النظرية الأساسية الكفيلة باماطة اللثام عن تأثير المجتمع في تمثل و تحديد الفرد لذاته ،وفي هذا السياق ينصص كوفمان على ان الفرد لا يقوم في الحقيقة سوى بانشاء هوية “للواجهة “،هاته الواجهة الامامية هي التي يحاول الفرد قدر المستطاع الحفاظ عليها لانها تتطابق و المواصفات المرغوب فيها اجتماعيا،غير انه يؤكد في سياق اخرعلى كون هويات الواجهة ليست سوى هويات افتراضية لا يمكن مقارنتها بالهويات الحقيقية للأفراد بل ان كوفمان ينصص و بشدة على “ضرورة وعي المسافة الفاصلة بين الهويات الممكن اشاعتها و التي يكتسبها الفرد انطلاقا من ظرفيات خاصة و الهوية الجوهر التي تعبر عن الذات الوجودية و عن النواة الهوياتية
2- بعيدا عن التداول الأيديولوجي لمفاهيم من قبيل الهوية و الخصوصية الثقافية، ألا زالت لهذه المفاهيم نفس الحمولة النفسية و الاجتماعية التي قد تنبني عليها الحضارات و الأوطان؟
دعني أؤكد لك حقيقة أساسية و تثبتها مختلف الدراسات المرتبطة بالهوية و كذلك من خلال نماذج للخطابات الهوياتية عبر العالم بان مااسميته التدوال الايديولوجي للمفهوم ثابت مركزي لا يمكن التغاضي عنه في كل مقاربة للهوية مهما حاولت ادعاء الموضوعية ،فكل مجتمع يحتوي داخله على تناقضات عديدة تتعايش في ما بينها بالرغم من كل المحاولات الايديولوجية التي تسعى الى توحيد المجتمع تحت يافطة مجموعة من الرموز القومية او الدينية و السياسية ،وفي هذا الصدد يمكن اعتبار شعارات القومية و الروح الوطنية و الانتماء المشترك و غيرها من الشعارات مجرد محاولات مستمرة تقوم بها الأطراف المستفيدة سعيا وراء دغدغة العواطف وضمان الانسجام.و بهذا المعنى يشتغل الخطاب الهوياتي كإيديولوجية محركة لطبقة اجتماعية،او لامة يترصدها تهديد خارجي،وذلك بهدف تحييد الفوضى والغموض وتناقضات الواقع و تدعو الى الفعل الجماعي مما يمكن من نقل الأزمات الداخلية الى الخارج،وتذهب الدولة الوطنية في نفس السياق و هي تدعو إلى نوع من المواطنة تقود إلى نزعة وطنية ضد الاختلافات الاجتماعية, المهنية و الجغرافية. فتصبح شعارات الهوية سواء الفردية أو الجماعية ،ميدانا للصراع الايديولوجي.فالوطن و الأمة و الأناشيد و الأعلام الوطنية وغيرها من الرموز ليست في النهاية سوى المجهود المستمر لضمان وحدة مفتقدة على مستوى الواقع بفعل تضارب المصالح . و تحضر الهوية هنا كصمام أمان ضد التغيرات الجذرية و المفاجئة حيث إن كل مجتمع يتوفرعلى هوية قوية يتغير بطريقة اقل سرعة كما أنه يعيد إنتاج رموزه السلوكية بطريقة سلسة، و لذلك أعتقد بأن فكرة وحدة مجتمع ما تفترض وحدة للوجود وهوية لا تمت بصلة إلى الواقع المعاش و الذي ليس في الواقع سوى تصور الدولة للحياة الاجتماعية
3- إذا كانت المقاربات الاجتماعية عموما تعتقد بأن العدوان الثقافي من شأنه أن يستنهض كل أشكال المقاومة الممكنة أو الممانعة بتعبير عبد الاله بلقزيز فهل هذا يعني بأن الثقافة المحلية قادرة على الدفاع عن وجودها ساعة الضرورة ؟
الملاحظة الأساسية في هذا الصدد ترتبط بمبدأ طبيعي يفيد بكون الضغط يولد بالضرورة مجموعة من أشكال المقاومة ،لكن اذا عدنا الى المشهد العالمي الأن و بعيدا عن التداول الاعلامي ،فاننا سنكتشف بان الولايات المتحدة الامريكية وبعملية احصائية تشكل الدولة الأكثر عدوانية من خلال عدد الحروب التي خاضتها منذ على الأقل الحرب العالمية الثانية ،لكن المقاومة التي واجهتها و تواجهها ليست بالشراسة التي توازي اعمالها .ولنا أن نتساءل الآن: لماذا لا تثير قوة ساحقة،عسكريًّا وديبلوماسيًّا واقتصاديًّا وتقنيًّا، مثل هذه مزيدًا من الانتقاد والمقاومة؟ لأن أمريكا كما يقول، اغناسيو راموني ،تمارس قمعا لطيفا حلوا،على المستوى الثقافي والأيديولوجي. من خلال امتلاكها مفكرين كبارًا يحظون بتقدير كبير على الصعيد العالمي، وكذا مبدعين ذائعي الصيت في كل الفنون.انها تتحكم على الخصوص في عالم (Max Weber)”الرموز” الذي يخول لها ما يسميه “ماكس ويبر” “الهيمنة الكاريزماتيكية”.إن أمريكا تفرض نفسها أيضًا في عالم المصطلحات والمفاهيم و”المعنى” وذلك في كل الميادين على الإطلاق.إنها ترغمنا أن نصف المشاكل التي تصنعها هي بكلماتها هي وتمنح لنا مفاتيح لفك ألغاز تفرضها علينا هي ذاتها. وتُسخر من أجل ذلك عددًا من المؤسسات العلمية ومراكز صنع القرار بمساعدة مجموعة من المحللين والخبراء. هذه المؤسسات التي تدرس وتبث في كل المسائل القانونية والاجتماعية والاقتصادية بمنظور يتناغم مع طرح الليبرالية الجديدة والعولمة ومصالح رجال الأعمال. وهذه المؤسسات تلقى دعمًا ماليًّا وإعلاميًّا كبيرين وتنشر أعمالها على الصعيد العالمي.إن الولايات المتحدة باعتمادها على سلطة الإعلام والإعلاميات والتكنولوجيات، وبمشاركة من تهيمن عليهم،وذلك بغفلتهم وعدم مبالاتهم، تمارس ما يمكن أن ننعته “طغيانًا لطيفًا وحُلوًا”، خاصة إذا استحضرنا ما يرافق ذلك من تحكم في المؤسسات الثقافية وهيمنة على مخايلنا.المقاومة رد فعل طبيعي لكنها ليست بالضرورة تمظهرا لسيطرة محتملة واقعية أوافتراضية، بل تتحكم فيها العديد من المؤثرات تتراوح بين قدرات المهيمنين على فرض نموجهم الثقافي و استعداد المهيمن عليهم على تقبل الهيمنة
4- حسنا،إذا كان عمق إشكالية الهوية يتعلق بإشكالية وجود الأنا في مقابل الآخر، فهل هي إذن مشكلة الأنا أم مشكلة الآخر، بمعنى آخر هل تمر آليات المقاومة بالاشتغال على وعي الذات لذاتها أم على وعيها للآخر؟
الهوية منتوج دائم التجدد و يتعرض باستمرار للهدم وإعادة بناء،إنها مجهود مستمر لفرض التمايز وإثبات الذات والخصوصية، ولا يلبث أن تحدها المحاولة العكسية والرغبة في الانتماء والانتساب إلى هوية ما، في ارتباطها بالدعوة إلى التواجد في سياق الطقوس الاجتماعية المشتركةوفي هذا الصدد يقدم العالم العربي للملاحظ صورة حية لمجموعة من التناقضات التي أتارت المثقفين كما السياسيين أمام عنف التغيير المفروض بقوة تكنولوجية وحضارية و اقتصادية تروج لنموذج النجاح الغربي المدعوم بايمان عميق بالتفوق فما بين انجذاب كلي الى ماض مجيد ورهانات التحديث تختلط الدعوات بالصراخ ، بالعواطف اللاعقلانية وغليان اجتماعي وسياسي .انها ملامح ازمة هوية عميقة.لخصها بشكل دقيق سؤال عبد الله العروي في الايديولوجيا العربية المعاصرة لماذا تقدم الغرب و تاخر المسلمون .لكن المسكوت عنه في سؤال الأنا والأخر هو الشروط الموضوعية التي يتم فيها الاتصال لأن التثاقف كعملية بريئة مجرد وهم ايديولوجي القصد منه الأبادة الثقافية الناجمة عن اختلال في نسبة تدفق المنتوجات الثقافية بين من يملكون الامكانيات ومن حكم عليهم بالاستهلاك فحسب.
5- وأنا أقرأ تحاليلكم حول الحركات الإسلامية و ربطها بتيمة الهوية لا أمنع نفسي من التفكير في طروحات المفكر الفرنسي فرانسوا بورجا باعتبار الإسلام السياسي هو ليس أكثر من صوت الجنوب في مقابل الاكتساح الثقافي الشمالي فهل يتعلق الأمر فعلا بمقاومة ثقافية؟
يندرج موقف الدكتوربورجا ضمن اتجاه موقف جزء من المثقفين الفرنسيين الرافض للكليشيهات الجاهزة من قبيل تسمية أشكال العنف المقاوم ارهابا حيث يقود رؤية مخالفة لما يروجه قسم من وسائل الإعلام الغربيةبالاضافة الى اعتباره الحركات الاسلامية جزءا من فعل الممانعة و المقاومة الطبيعية للسيطرة شبه الكلية للزحف الغربي ،لكن ما يجب التأكيد عليه هنا هو أن نشوء ثقافة مقاومة ما وكذا اضمحلالها ليس اعتباطيا أواراديا،إنه سيرورة مرتبطة جدليا بمجموعة من العوامل غيرالمستقرة،عوامل تتراوح بين الاجتماعي والسياسي و الاقتصادي والعسكري.لذلك فان التاريخ لا يذكرسوى مقاومات كبرى محدودة والقليل من هاته المقاومات هي التي أتيح لها الاستمراروالوصول الى مصاف العالمية وفرض نموذجها على الثقافات المهيمنة،لكن الكثير منها فقد بعد ذلك الشروط الموضوعية القادرة على حفظ تفوقها.الحركات الاسلامية ليست اذن نشازا في هذا الصدد انها بحث دائم عن الخلاص من وضع حضاري مشرذم خاصة و أن سؤال “لماذا تطور الغرب و تخلف المسلمون لا يزال السؤال المركزي في الانتاج الفكري العربي والاسلامي يتكرر بصيغ متعددة لكنه يصب في النهاية عند تلك العلاقة المتوترة بالغرب الزاحف حضاريا و اقتصاديا و اعلاميا و فكريا.الى أي حد يمكن أن تشكل الحركات الاسلامية عامل مقاومة ثقافي فعال؟سؤال يحتاج الى تحليل البنيات الأشد خفاء لاشتغال الحقل السياسي والثقافي لأاشكال الهيمنة و نتائجها،من خلال استحضار مختلف تجارب المقاومة وخاصة الطفرة التي تشهدها امريكا الجنوبية ووصول العديد من رموز الاشتراكية و ألاهالي الأصليين الى السلطة فينزويلا –بوليفيا –الشيلي انها تجارب تحتاج الى التـامل والى دراسة اساليب الاشتغال التي راكمتها من خلال تقديس فعل المقاومة الثقافية عبر ميكانيزمات بسيطة وفعالة تعتمد على تثبيت الرموزو رفض الانصياع للنماذج المفروضة بقوة الاستثمار الثقافي ليس بواسطة العنف و القوة ولكن من خلال السيطرة على ما يسميه فيبر حقل الرموز وفي هذا الصدد تعاني الحركات الاسلامية على اختلاف مشاربها نقصا شديدا
6- تحيلون كثيرا في اشتغالكم على تيمة الإسلام السياسيي على كتابات و أفكار جيل كيبل، فهل يقدم بالفعل مفاتيح مختلفة عما هو سائد في قراءة جغرافيا و تاريخ الحركات الإسلامية؟
خلال بداية الاشتغال على تيار الاسلام السياسي كانت مقاربات جيل كيبل تتمتع لدي بقوة جذب مارست علي سلطة توجيهية هائلة، غير أن المضي قدما في في الاطلاع على أعماله أثار لدي مجموعة من التساؤلات حول مقاربات كيبل نفسها التي لا تخلو من توجه متمركز حول الذات و الناتجة بالضرورة حول حيثيات اشتغال كيبل نفسه و المؤسسات التي يمثلها .ودون الدخول في حيثيات القصور الابستيمي في مقاربات كيبيل و التي اشتغل على احداها في دراسة مستقلة ستنشر قريبا يجب التذكير بأن الحركات الاسلاميةوعلى اختلاف توجهاتها لا تمثل في النهاية سوى فعلا لمقاومة الموت و الاقصاء ،لكن يجب هنا التفريق بين فهم هاته الحركات كمقاومة ،هاته المقاومة التي بدورها تتوزع بين المقاومة بالحيوية و المقاومة من دون عدمية ،لتبقى المقاومة حياة .علينا أن نذهب الى أقاصي حدود الفهم لتحصين خطابنا العلمي من انزلاقات الفهم الشائع و اللغة الاعلامية الخادعة.اننا ننتصر للايجاب،وللمقاومة وحدها منطقها اللامنتهي،ثقافيا سياسيا اجتماعيا ،ان منطقها يعتمد الجسارة و التطاول و الابداع تنقذنا فيه من وجود هو أشبه بالعدم اذ في الوجود مقاومة و في المقاومة وجود. أما الوقوف عند البنية السطحية لما يسميه كيبل الاسلام السياسي فانه لا يعدو أن يكون مقاربة مجتزاة تقف من ورائها طلبات السوق الاعلامي لأن انتاجه في النهاية ليس مجرد انتج فكري صرف يقارب ظاهرة تشغل العالم والغرب،وانماهوشهادة داخلية على توجه اعلامي وثقافي لايؤطرالعلاقة بالآخرالا ضمن يافطة محاربة الاصولية و التطرف و تحت ذريعة الدفاع عن القيم الانسانية التي ليست سوى القيم الغربية ، مما يقحم طروحاته في ما اصبح يصطلح عليه بالخبراء في شؤون الارهاب، وهي طروحات ذات توجه امني قاد اصحابها الى منطق تجاري خاصة و أنهم يقدمون أنفسهم كخبراء قادرين على مد التوجه الأمني بحلول سحرية
7-الإسلاميون يكتسحون السلطة بالعالم العربي و الإسلامي ليس بحد السيف والدم هذه المرة ولكن عبر آليات الديمقراطية النزيهة، هل في هذا انتصار لآليات المقاومة الثقافية؟
يخضع المنطق الصحفي في شق كبير منه لرغبات السوق و منطق الرأي الشائع و هو ما لا يتوافق مطلقا مع اولى أبجديات علم الاجتماع التي تتأسس بالضرورة على ضرورة تأسيس علم الاجتماع في انفصال عن الطلب الاجتماعي لوسائل الشرعنة والتسخير. لذلك يجب دائما الحذر من تعويمات اللغة العامية التي تفرض نفسها بقوة سلطة التأثير الاعلامية ومن هنا فإن الحديث عن اكتساح الإسلاميين للساحة السياسية لا تسنده في الواقع أي مؤشرات علمية حيث أن ما اصطلح عليه الصحوة الغسلامية تشهد تراجعات في أكثر من ميدان أما وصول حماس الى السلطةو قوة الإخوان بمصر والأردن و المغرب فتدخل في إطار أجندة يتم التهئ لها باستراتيجية الإحتواء القائمة على العصا و الجزرة .أما بخصوص السؤال الذي يطرح نفسه اليوم:هل نقف عند اليات جديدة للمقاومة تسلكها التيارات الإسلامية و تتخذ من الالية الديمقراطية و التي هي انتاج غربي و سيلتها؟وهل يتعلق الامر بثقافة جديدة للممانعة؟يفترض هذا السؤال وضع مسار العملية المسماة ديمقراطية التي يشهدها العالم العربي الاسلامي في سياق التطورات الدولية والاجتماعية،فنحن نعيش على الأقل ضمن صراع ثنائي الأبعاد فمن جهة هناك اتجاه يسير نحو تبني النموذج الأمريكي الذي يمثل القاعدة الصلبة لنظام العولمة المدعوم باستثمارات ثقافية هائلة تنتشرمن خلالها القيم و السلوكيات وأنماط التفكيرالموجهة،ومن جهة أخرى تتصاعد موجات الممانعة و المعارضة فتتقوى التقاليد والعادات والقوميات في المجتمعات التي تشعر بتهديد يمس هويتها الثقافية و هذا التهديد لا يسهم سوى في تغذية معامل الأصوليات التي تشهد انتشارا واسعا في مختلف ارجاء المعمور و ليس في العالم العربي الاسلامي فقط.يبدواذن أن العودة إلى التشبث بالخصائص الهوياتية توجه عالمي كشكل من أشكال معارضة الهيمنات التقليدية المحلية،بل ان الصراع الدائر في مختلف مناطق العالم و طرفاه الولايات المتحدة من جهة ومختلف الحركات الاسلامية من جهة أخرى ليس سوى احدى التمظهرات الدموية للرغبة في الهيمنة من جهة ورغبةمقاومة من جهة أخرى. يمكن ان نخلص اذن الى أن اللعبة الديمقراطية في الحقل السياسي العالمي و العربي الاسلامي بالخصوص لا تخرج عن سياق البحث عن أشكال المواءمة وتجريب خيارات ما يسمى بالاسلام السياسي المعتدل ،انه الأمر الذي يتم تجريبه حاليا في فلسطين مع حركة حماس و في مجموعة من الدول العربية و خاصة مصر و من المحتمل المغرب ،لأن الدين في النهاية ليس سوى بعدا من أبعاد الهوية عندما يتم استثماره يصبح من صميم وجود الأفراد الذين يمكن أن يضحوا بأرواحهم دفاعاعن ثوابت يعتقدون تأسيسها لوجودهم مما يمنحهم القدرة على ابتكار اشد الأساليب دموية ودرامية في نفس الوقت الذي يمكن أن تكون دموية قادرة على تسكين الصراع و تهدئة مشاعر الغضب و بالتالي خفض مستوى التوتر الناجم عن الرغبة القوية في التنميط و التي تشهد اوج مستوياتها مع الهيمنة المطلقة لقطب احادي التوجه ويتجاوز في العديد من اللحظات حدود السيطرة الاقتصادية و العسكرية الى تهديد الهويات في صميم وجودها من خلال رغبة في الاقصاء النهائي كثقافة و كحضارة و كانتماء