29 janvier 2007

العمال والتجار المغاربة بجبل طارق خارج حسابات الوزارة المعنية





















يشعر العمال والتجار المغاربة بصخرة جبل طارق أنهم خارج حسابات الوزارة المنتدبة المكلفة بالجالية المغربية بالخارج، وهو شعور تفرضه معطيات عديدة يمكن حصرها دون وصفها، لصعوبة ذلك، لما فيها من معاناة منذ سنين وتنيخ بكلكلها على معنوياتهم، بل تهددهم في عملهم أرزاقهم في أحايين كثيرة
فصخرة جبل طارق التي تصر حكومتها المحلية على تطبيق مقتضيات استثنائية للهجرة في حق مواطنينا دون سواهم من مواطني أوروبا وأمريكا اللاتينية، قررت منذ عام 1985 منحهم حق الجنسية ـ الجبل طارقية ـ مبدئياً فقط، مع تعقيدات لا حصر لها، بعد مضي ستة وعشرين عاماً من الإقامة بالصخرة، وفي انتظار أن يتحقق ذلك
المحاصرة الإسبانية لجبل طارق حصار أيضا للعمال المغاربة
منذ أن مارست السلطات الإسبانية الحصار على جبل طارق في إطار مخططها لاستعادة الصخرة، صوتت ساكنتها لصالح الاستقلال التاج البريطاني، والعمال والتجار المغاربة يعانون الأمرين، خصوصا بعدما فرضت إسبانيا على المغاربة التأشيرة العادية ثم في إطار شينغن التي رفضتها بريطانيا وضمنها سلطات جبل طارق، حيث صار على المغاربة الحصول على تأشيرة شينغن لتيسير تنقلهم بحرية إلى المغرب في كل وقت، ذلك أن إسبانيا لا تعترف بوثائق عمل وإقامة العمال والتجار المغاربة بجبل طارق، وتفرض عليهم طلب التأشيرة من قنصليتها العامة بلندن، وهو ما استجاب له العمال والتجار المغاربة عبر إرسال وثائقهم بالبريد مع ما يعنيه ذلك من تأخر وربما ضياع لها، وحتى هذه الإمكانية تم التقليص من فعاليتها حين اشترطت القنصلية الإسبانية بلندن حضور صاحب الجواز بنفسه، ولكم أن تتصوروا المصاريف والوقت المستهلك للحصول على هذه التأشيرة
طبعاً، قد يقول قائل، وما الحاجة إلى التأشيرة مادام النقل البحري مضموناً بين الصخرة ومدينة طنجة، وهو سؤال يحتاج إلى تدقيق بسيط، وهو أن باخرة من الحجم المتوسط فقط ومرة واحدة فقط في الأسبوع تضمن النقل بين الموقعين، فتأخذ العمال والتجار المغاربة من أجل عطلة نهاية الأسبوع مساء كل جمعة، من جبل طارق إلى طنجة، لينتقلوا منها إلى مدنهم الأخرى، ونفس الباخرة تعود لترجعهم من طنجة إلى جبل طارق مساء يوم الأحد
طيب، وماذا يفعل عامل أو تاجر علم بوفاة أو مرض أحد أقاربه بالمغرب؟ لا شيء سوى انتظار يوم الجمعة فيكون وصوله بدون جدوى بعد فوات الأوان، وإذا توفي هو في جبل طارق؟ نفس الإشكال، صحيح أن جمعية العمال والتجار المغاربة بجبل طارق خلقت نوعاً من الثقة مع بعض المسؤولي بمدينة لا لينيا الحدودية مع جبل طارق، فصاروا يتفهمون بعض الحالات الإنسانية، فيسمحون بمرور المعني لغاية مدينة طريفة أو الجزيرة الخضراء ليأخذ الباخرة للمغرب، ولكن هذا فقط جزء من العملية وغير شامل للجميع، فهذا العامل أو التاجر بعدما سمحت له سلطات مدينة لا لينيا بالمرور، ماذا يفعل ليعود لجبل طارق قبل الأحد وهو اليوم الوحيد الذي تضمن فيه الباخرة النقل من طنجة إلى جبل طارق؟ لا شيء سوى انتظار الرحلة المقبلة
إن هذه الحالات الإنسانية ورغم أهميتها تبقى قليلة عموماً، لكن تعالوا نرى ما يحدث باستمرار ويهدد حقوق هؤلاء العمال والتجار المغاربة، خصوصاً خلال فصل الشتاء حين تضطر الشركة الناقلة إلى إلغاء رحلة الجمعة فتحرم العمال والتجار من زيارة أهلهم وقضاء مصالحهم، أو رحلة الأحد، أو التوقف في ميناء طريفة الإسبانية بسبب سوء أحوال الطقس، حيث يضطر العمال إلى انتظار رحلة الأسبوع الموالي مما يعرضهم لاقتطاعات بل في أسوإ الحالات للطرد بسبب الغياب غير المبرر
ربما اعتبر البعض أن الحالة في فصل الصيف أفضل، ولكن بسبب توظيف نفس الباخرة في دعم النقل البحري بين طريفة وطنجة تلبية للطلب المرتفع بين الميناءين في هذه الفترة، وللجشع الذي يعمي الأبصار، فإن مسؤولي الشركة لا يلبون الربط من جبل طارق إلى طنجة سوى بعد الإنتهاء من المهمة الإضافية، وغالباً في منتصف الليل، مما يجعل العمال والتجار المغاربة يصلون طنجة في الساعات الأولى من الصباح، وبعد ذلك بالنسبة لمن يسكنون تطوان والعرائش والقنيطرة، ما يعرضهم لأخطار محتملة، ويقلص من فرصة لقاء أهلهم
هذا بالنسبة لرحلة الجمعة نحو طنجة، فماذا عن رحلة الأحد؟ نفس التوقيت المتأخر، الذي يجعل العمال والتجار المغاربة يصلون إلى الصخرة في الساعات الأولى من الصباح، فيلتحقون بأعمالهم مرهقين من السهر، بل إن مسؤولاً بجمعية العمال والتجار المغاربة بجبل طارق احتج مرة بكون حوادث شغل استثنائية تحدث أيام الإثنين للعمال المغاربة خلال فصل الصيف ولا يمكن تفسيرها سوى بسبب الإرهاق الناتج عن تأخر الباخرة بعد منتصف الليل
العمال المغاربة بجبل طارق الذين التقيناهم عبروا عن تذمرهم من هذه الوضعية، وعن شعورهم بالخيبة من صمت الوزارة المكلفة، فهم ليسوا أقل شأناً من باقي المهاجرين في أروبا، وحالتهم لا تتطلب من الدولة ميزانية، بل فقط اتصالاً بسلطات الصخرة من جهة وبالسلطات الإسبانية لتمكين هؤلاء المواطنين من تأشيرة عبور على الأراضي الإسبانية تكون موافقة لمدة عقدة الشغل بجبل طارق لكل معني، فهل تفعل السيدة الشقروني ما يجعل هؤلاء المغاربة يتذكرون مجهودها؟
عبد الحفيظ العمري
يومية الناس 29 يناير 2007