28 juin 2006

اليوم العالمي للجوء لعام 2006



تمنياتنا كبيرة، وأحلامنا غير محدودة، ليس لها نهايات، وتطلعاتنا بأن يسود العدل والسلام في العالم، وتعم السكينة والطمأنينة كافة أبناء البشر، بصرف النظر عن لونهم أو عرقهم أو انتمائهم الإجتماعي او السياسي وتمنياتنا هذه تنهل من معين مجموعة القيم الإنسانية على امتداد التاريخ، التي عبّر عنها فلاسفة و حُكماء هذا العالم بوضعهم للشرائع الدوليةغير أن الأحلام والطوباويات، رغم سمو مواقعها، لأنها تسعى لتحقيق الكرامة الإنسانية، تبقى تصطدم بمصالح بني البشر وأهوائهم وغرائزهم، لتشكل عاملاً معيقاً يحول دون تحقيق العدالة الإنسانيةهذه المصالح والأهواء تجد تعبيراتها في زماننا هذا في حروب وفتن تشتعل في هذه المنطقة او تلك من العالم، وتتسبب بخراب البشرية، وتحول دون التقدم الحضاري، بفعل ما تحدثه من كوارث مأساوية، تدفع ثمنها الشرائح الإجتماعية المستضعفة، خاصة المدنيين منهمبشكل عام، ومن بينهم الأطفال والنساء والعجزة بشكل أخصكم كنا نتمنى أن نحتفل بهذه المناسبة، والعالم أقل هولاً مما هو عليه الآن. لكن التمنيات شيئ والواقع يبقى شيئاً آخر. ومع أنّ لوحة الواقع الحالي لهذه البشرية، تدفع بإتجاه نظرة تشاؤمية، إلا أن الخيرين في هذا الكون،وكافة المصلحين، يمتلكون الإرادة الصلبة لتغييرصورة الواقع، لأنهم يتسلحون بعزيمة الإيمان بتحقيق ذلك، مع القناعة بأنه ليس بمقدورهم إدخال الناس الى الجنة، وإنما السعي لإخراجهم من جحيم بني البشر. ولن يتحقق ذلك إلا من خلال العمل الدؤوب المبني على قناعة الإلتزام الفكري والعملي بعدالة قضية الضحايا في هذا العالم. ومن هنا يأتي أهمية الدور الذي تؤديه المفوضية السامية للاجئين، وكافة هيئات ومنظمات المجتمع المدنيلقد كان بتقدير من وضعوا إتفاقية عام 1951 للاجئين، وبتقدير من سبقهم، أن قضية اللجوء في العالم سوف تكون عابرة في التاريخ الحديث، وأن كافة المجتمعات سوف تعيش حالة من السلام والإستقرار. غير أن هذه التقديرات قد جافاها الواقع المر للبشرية، فها هي موجات اللاجئين تتفاقم و تجتاح العالم من مختلف أماكن التوتر، التي تعيش حالات الحروب والفتن والقهر والفقر... ولعل أبلغ ما يجسد ذلك، ما تنقله لنا وسائل الإعلام عن أوضاع القرن الإفريقي... هذا إذا تغاضينا عن واقع منطقتنا المرير...مما لا شك فيه أن المفوضية السامية عبر مكاتبها المنتشرة في مختلف بقاع العالم، وبالتعاون مع الوكالات الدولية الأخرى والهيئات المحلية، تضطلع بدور إنساني له تأثيراته على المنكوبين، بحدها الأدنى كفكفة الدموع وتضميد الجراح وسد رمق الجائع المحتاج وتوفير الحماية لمن هو بحاجة إليها ويستحقها
نتحدث بعمومية عن الوضع العام للاجئين، ونتناوله كمدخل لوضعهم في منطقة عمل مكتب المفوضية في لبنان، وتسليط الضوء على أهمية نشاط وفعالية هذا المكتب
نحن ندرك جيداً مدى المصاعب التي تحول دون تأدية دوره بالشكل المرتجى، إذ أن لبنان لم يُوقع على اتفاقية اللجوء، وجُل ما تحكم العلاقة هي اتفاقية التفاهم الحاصلة مع الأمن العام اللبناني، وندرك أيضاً، الهواجس اللبنانية، لدى مختلف شرائحة الإجتماعية، تجاه قضية اللجوء وتخوفهم منها. هذه المعطيات تشكل عائقاً يحول دون الأداء المطلوب، وينعكس في جوانبه السلبية على أوضاع اللاجئين. ومع هذا ندرك أيضاً أن لبنان، بمنأى عن كل ما تقدم، قد أعلن التزامه في مقدمة دستوره بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان وبالمواثيق الدولية. كما وقّع على اتفاقية مناهضة التعذيب التي تحرم عليه عملية الإبعاد، وبالتالي يتوجب على السلطة اللبنانية أن تتعاطى مع قضية اللجوء، بشكل آخر، ينسجم مع التزامه بالمواثيق الدولية
وإذا كان مكتب المفوضية يبذل جهوداً مضنية في هذا الإتجاه، لتحقيق مصلحة اللاجئين بتوفير الحماية الإجتماعية والقانونية لهم، فإن منظمات وهيئات المجتمع المدني تتفانى بدورها في عملها لتحقيق الغاية المرجوة على مختلف المستويات، وبشراكة مع مكتب المفوضية، تكاد تكون نموذجاً للتعامل، يقتضي الإقتداء به من قبل كافة مؤسسات ووكالات الأمم المتحدةإننا إذ ندرك الإمكانيات المحدودة الموضوعة بتصرف مكتب المفوضية، وطبيعة العمل التطوعي لهيئات المجتمع المدني، نتطلع الى دور اكثر فعالية بفعل احتضان البشرية للمفوضية السامية للاجئين، خدمة لأهداف الإنسانية السامية، وبهدف المزيد من تفعيل عملها، ونتطلع أيضاً لدور هيئات المجتمع المدني، لتصويب أداء السلطة تجاه هذا الموضوع، وبذل المزيد من الجهد المطلوب، لتطوير شبكة علاقاتها مع بعضها البعض، والإرتقاء بعلاقات الشراكة مع مكتب المفوضية نحو أفق أرحبنأمل أن نحتفل بهذه المناسبة في العام القادم، وعالمنا أقل فظاعةً، وعلاقاتنا أكثر جدوى، ونتقدم بجزيل احترامنا وتقديرنا للمفوضية السامية على مختلف مستوياتها، وخاصة مع مكتب لبنان ممثلاً بالإستاذ (ستيفان جاكمي) وكافة العاملين في مكتب المفوضية
المحامي نعمة جمعة بيروت –
njoumaa@hotmail.com
Website: www.aldhom.org